قد يصادف المرء في حياته قصصاً غاية في الغرابة والطرافة.. أنها قصص قد يصنعها الإنسان بنفسه أو تلعب الصدف دوراً أساسياً فيها ومن هذه القصة التي ترويها الفتاة ديشا وستيل البالغة من العمر 27عاماً.. لم يحالفني التوفيق في الالتحاق بعمل، وفي ربيع عام 2001م كان علي ان أجد عمل بطريقة ما، وذلك لأنني كنت في حاجة ماسة إلى المزيد من المال لتغطية نفقات حياتي الاجتماعية الواسعة. في الماضي كنت أعيش مع والديّ في موريشوص أما الآن فأعيش مع أخي وعمي في لندن. كنت سعيدة في حياتي كفتاة حرة وغير متزوجة وفي عنفوان شبابي. الشيء الوحيد الذي ينقصني هو العمل. وعليه كنت أقلب الصحف والمجلات بحثاً عن إعلانات الوظائف. وأخيراً عثرت على إعلان عن وظيفة تناسبني بإحدى المنظمات الخيرية. وبعد إعداد سيرتي الذاتية ومراجعتها أرسلتها إلى المنظمة ومرت الأيام ولم أتلق أي رد ولما طالت المدة ولم تأت المحادثة المرتقبة، صرفت نظري عن الموضوع وذات يوم رن هاتفي وجاءني صوت امرأة تقول "تحياتي.. هل أنت ديشا؟". وحمدت الله ان محاولاتي قد كللت أخيراً بالنجاح. واستطردت المرأة قائلة: "لقد أعجبنا بسيرتك الذاتية وعندما أردنا الاتصال بك اكتشفنا أنك ا خطأت في تسجيل رقم هاتفك". بعد ذلك شرحت لي أنهم كلما حاولوا الاتصال برقمي يرد عليهم رجل وأخيراً أدركوا انني اخطأت في ترتيب آخر خانتين في رقم هاتفي وكانوا كل مرة يحاولون الاتصال يرد عليهم نفس الرجل ويعتذرون إليه بأنهم يودون الاتصال على "ديشا". وأخيراً أتيحت لي فرصة إجراء المقابلة التي كنت انتظرها ولكنني في دخيلة نفسي كنت أشعر بذنب تجاه ذلك الرجل الذي أزعجته بالخطأ في تسجيل رقم هاتفي فأصبح يتلقى مكالماتي. وفي الحال اتصلت على رقم ذلك الرجل فجاءني صوت عميق آسر "هالو"، وبعد التحية أبلغته "هذه ديشا! الفتاة التي كنت تستقبل محادثاتها!" وهنا ضحك وقدم لي نفسه "أنا ديفيد، إنها مصادفة رائعة ان أتحدث إليك!". واستمرت المحادثة بيننا لمدة ثلاث دقائق وبعد انقطاع صوته تمنيت ان لو استرسلت في الحديث معه وذلك لأنني كنت أحس وكأنني أعرفه منذ فترة طويلة. وفي اليوم التالي رن هاتفي ورأيت على الشاشة رقماً مألوفاً بالنسبة لي الرقم الذي وضعته خطأ على سيرتي الذاتية وكان ذلك وقع طيب على نفسي وكما توقعت جاءني صوت ديفيد الدافئ "شعرت بأنني أرغب في الاتصال بك والتحدث إليك". ولم يمض وقت طويل حتى توثقت أواصر العلاقة بيننا وصارت اتصالاتنا أمراً معتاداً وتستغرق زمناً أطول وبدأت أجد في ديفيد 37عاماً شابلاً نبيلاً ومرحاً وغمرني احساس جميل عندما وجدته يود معرفة كل شيء عن أسرتي يبدو ان لديه اهتمام حقيقي بحياتي. أصبح الحديث مع ديفيد أكثر الأشياء أهمية في عالمي وأصبحنا نثرثر بانتظام وفي بعض الأحيان نتصل ببعض أكثر من ثلاث مرات في اليوم الواحد الشيء الوحيد الذي كان ينغص هذه العلاقة، هو ان ديفيد يعيش في مدينة اوسوالدويسل بمقاطعة لانكاشير على بعد 200ميل من لندن. وبعد ثلاثة أسابيع اقترح ديفيد ان نلتقي في لندن، وعلى الفور وافقت وقبل ذلك تبادلنا الصور عن طريق البريد الالكتروني وبما أنني كنت معجبة بشخصيته زاد اعجابي به عندما وجدت أمامي صورة شاب وسيم شديد الجاذبية. ولكن لخشيتي من ردود فعل أصدقائي وأسرتي قررت ان تظل علاقتي بديفيد سراً. وعند لقائنا الأول كان كلانا متوتراً، وعلت خدي حمرة الخجل عندما صافحني. ولكن سرعان ما زال التوتر وكان حديثنا على المائدة طويلاً وممتعاً وبعد العشاء ذهبنا إلى ملهي ليلي وكانت سهرة رائعة إلاّ ان ساعات الليل مرت سريعة وعندما حان وقت الفراق كان كلاً منا لا يرغب في فراق الآخر وفي الأربعة أسابيع التالية أصبح ديفيد يزورني بانتظام في لندن وفي آخر زيارة طلب مني ان انتقل للعيش معه في اوسوالدويسل. ووجد هذا الاقتراح ترحيبي بل كنت في حقيقة الأمر انتظره وعليه قررت في يونيو 2004م الانتقال إلى اوسوالدويسل وكان ذلك بعد مرور شهرين على علاقتنا. وكنا نناقش أمور الزواج ووجدنا ان الزواج تطور طبيعي لعلاقتنا فقد كنا غارقين في الحب وعليه يجب الا نضيع أي لحظة في الانتظار. وعليه أكملنا مراسم زواجنا في أغسطس 2004م فقط بعد مرور ثلاثة أشهر على أول لقاء بيننننا. ولسوء الحظ لم يكن والدي موجودين في تلك اللحظة السعيدة، لأنني كنت خائقة من ابلاغهم بعزمي على الزواج. وكانت لحظة عقد القران أغلى لحظة في حياتي ثم سافرنا لقضاء شهر العسل في ايرلندا وبعد ذلك ابلغت والديّ في موريشو بنبأ زواجي، وقابلا ذلك الخبر بسعادة بالغة وتمنيا لي حياة سعيدة. وبعد فترة وجيزة قمنا بزيارتهما ووجد ديفيد منهما ترحيباً بالغاً وأصبح ديفيد بعد ذلك يعتبر والدي بمثابة أبيه ويناديه "بيا أبي". وقررنا تجديد الاحتفال بزفافنا في موريش على الطريقة الهندية في اكتوبر القادم حتى يتمكن أفراد أسرتي من مشاركتنا في أفراحنا. وبعد ذلك نخطط لبناء أسرتنا الخاصة. وأنا حالياً أعمل في مجال الرعاية بمقاطعة لانكاشير، ولم أوفق في الحصول على عمل في لندن، ولكنني حصلت على ما هو أهم من ذلك، الا وهو الزوج المناسب.